كشف محافظ البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، عن الأسباب العميقة لانهيار سعر صرف الريال اليمني، مؤكدًا أن البنك يخوض "حربًا اقتصادية معقّدة" وسط تحديات مالية وإدارية بالغة الصعوبة، في ظل غياب الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي.
جاء ذلك خلال لقاء صحفي مع الزميل فتحي بن لزرق، ناقش فيه المحافظ واقع الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الخطيرة، وسط تساؤلات متزايدة من الشارع اليمني حول أسباب الانهيار المستمر للعملة الوطنية.
وأكد المحافظ أن أبرز الأسباب التي قادت إلى هذا الانهيار تعود لتوقف تصدير النفط، وغياب الموازنة العامة منذ عام 2019، ما ترك الحكومة دون خارطة مالية واضحة، وأربك أداء مؤسسات الدولة.
وأوضح أن البنك المركزي لا يتلقى سوى أقل من 25% من الموارد العامة، في حين يتم التصرف بجزء كبير منها خارج الأطر الرسمية، سواء في السوق أو من قبل بعض المحافظات، وهو ما يعجز البنك عن مواجهته منفردًا.
وأضاف أن أكثر من 147 جهة حكومية إيرادية تعمل دون رقابة حقيقية، ولا تُورد إيراداتها للبنك، مشيرًا إلى أن ضبط هذه الموارد هو مسؤولية تشاركية تقع على عاتق كافة مؤسسات الدولة، وليس البنك المركزي وحده.
وقال إن بعض المحافظات باتت تدير ميزانيات خاصة بها، وتنفق مواردها دون التزام بالقوانين أو التنسيق مع الحكومة، لتلقي بالعبء كاملاً على البنك المركزي في تغطية النفقات والرواتب، رغم شُح التمويل المتاح.
وحذر المحافظ من الاعتماد المستمر على موارد خارجية غير مستدامة، مشيرًا إلى أن المتبقي من الوديعة السعودية لا يتجاوز 225 مليون دولار، ولا يمكن التصرف بها دون إذن من الرياض، وقد جرى استخدام معظمها في تغطية النفقات الحكومية الأساسية.
وفي ملف الصرافة، أكد أن البنك اتخذ إجراءات حازمة بحق المحلات المخالفة في عدن، لكنّه يواجه صعوبات في فرض الرقابة على شركات الصرافة العاملة في مناطق بعيدة.
كما اتهم المحافظ الحوثيين بالضلوع في المضاربة بالعملة داخل عدن، مستخدمين ما يمتلكونه من نقد محلي للتأثير على السوق وخلق فوضى اقتصادية.
ودافع المحافظ عن سياسة المزادات العلنية لبيع العملة الأجنبية، معتبرًا أنها وسيلة شفافة لتنظيم السوق، نافيًا تدخل البنك في تحديد أسعار الصرف.
وفي ختام اللقاء، حدد المحافظ أربع أولويات قال إنها ضرورية لوقف انهيار العملة واستعادة التوازن الاقتصادي: "استئناف تصدير النفط، توجيه كافة الموارد العامة إلى البنك المركزي، إعداد موازنة حكومية رسمية، تحرير سعر صرف الدولار الجمركي".
ودعا المحافظ إلى تحرك جماعي من الحكومة والرئاسة وكافة مؤسسات الدولة، قائلًا إن إنقاذ الاقتصاد اليمني لم يعد ممكنًا عبر الحلول الجزئية أو المسكنات المؤقتة، بل يتطلب تكاملًا وقرارًا سياسيًا جريئًا وشاملًا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها